متلازمة أسبرجر عند الأطفال وعلاقتها بالتوحد
من الممكن أن نقول أن هناك مسافة ما بين إصابة الطفل بالتوحد أو إصابته بمتلازمة أسبرجر. والثابت علمياً أن هذه المتلازمة تعتبر نوعاً من أنواع التوحد. لكن في نفس الوقت هناك مجموعة من الاختلافات بين كل منهما. فما هي متلازمة أسبرجر وما علاقتها بالتوحد؟ هذا ما سوف نتعرف عليه في مقالنا اليوم.
ما هي متلازمة أسبرجر؟
متلازمة أسبرجر يطلق عليها علمياً أنها نوع من الاضطرابات النمائية الشاملة. وهي تعتبر درجة من درجات طيف التوحد عالي الأداء. هذا الاضطراب يبدأ في مرحلة مبكرة من عمر الطفل. حيث أنه من الممكن أن يبدأ من مرحلة الرضاعة وفترة الطفولة المبكرة. لكن أعراضه لا تظهر إلا بعد السادسة من العمر.
أما أهم المشاكل التي تسببها هذه المتلازمة فهي مرتبطة بحد كبير بالمشكلات الاجتماعية. حيث يجد المصاب صعوبة في تكوين الصداقات. كذلك الشعور بالقلق تجاه الأشخاص غير المألوفين بالنسبة إليه. كذلك يشمل الاضطراب بعض المشكلات اللغوية واستخدام المصطلحات بالإضافة إلى عدم قدرة المريض على التعبير عن نفسه بصورة طبيعية.
من ناحية أخرى فإن المصابين بمتلازمة أسبرجر يعتبرون أشخاص مميزة للغاية فيما يتعلق بالذكاء. لكن المشكلة تكمن في أنهم يتبعون أنماطاً سلوكية غير مألوفة لدى الناس العاديين. لذا نجد أنفسنا أمام أطفال أذكياء وغامضين في نفس الوقت.
للمزيد: الخطوات العملية لعلاج تأخر الكلام عند الأطفال
ما هو الفرق بين متلازمة أسبرجر وبين التوحد؟
متلازمة أسبرجر تعتبر شكل من أشكال مرض التوحد أو عرض من أعراضه.. لكن التوحد يعتبر الصورة الأشمل لأنه يؤثر على كل من السلوك الحركي واللفظي والاجتماعي للمريض، ويطلق عليه علمياً أنه “تباين وظيفي نفسي وعصبي”.
قد تظهر بعض الفروق بين كل منهما فيما يلي:-
- تظهر أعراض التوحد في فترة مبكرة من حياة الطفل. لكن أعراض متلازمة أسبرجر تظهر بعد السنة السادسة حتى وإن كانت الإصابة بها مبكرة.
- مصاب أسبرجر لديه صعوبات في التخاطب مع الآخرين أو التعبير، لكن مع الوقت يستطيع تحسين ذلك. أما مريض التوحد فهو لديه قصور لغوي، كذلك يكون لديه مشكلة في طريقة التعبير أو يكون غير قادر على التعبير بمعنى أصح.
- التوحد يجعل الطفل غير قادر على التعامل مع المجتمع ومائل إلى العزلة بشكل كبير جداً. أما مريض أسبرجر فإنه يستطيع التعامل مع المجتمع لكنه يواجه صعوبة في تكوين علاقات اجتماعية مع الآخرين وخاصة غير المألوفين له.
- الطفل المصاب بالتوحد هو طفل يعيش داخل دائرة منغلقة على ذاته تماماً لا يسمح للآخرين بدخولها. بينما الإصابة بمتلازمة أسبرجر يستطيع التواجد مع الناس لكن المشكلة تكمن في القدرة على التواصل معهم.
ما هي أهم الأعراض المرتبطة بمتلازمة أسبرجر؟
هناك بعض الأعراض التي تظهر على الطفل المصاب بهذه المتلازمة. وكما قلنا من قبل فإن ظهور الأعراض يبدأ في فترة متأخرة. وفي هذه الحالة نجد أن الطفل يقوم بالآتي:-
- العرض الأهم لهذه المتلازمة هو صعوبة تكوين الأصدقاء. وهنا يجب أن نفرق بين الانطوائية وبين الاضطراب الذي يعاني منه الطفل. لأن الانطوائية هي خيار شخصي يقوم على مجموعة من العوامل. لكن الاضطراب يقوم على عدم قدرة الطفل التفاعل والتواصل نتيجة وجود قصور نفسي يحتاج إلى علاجه.
- صعوبة في التواصل مع الآخر عن طريق العينين. فهو يحاول النظر إلى أسفل أو إلى الجانب الآخر عندما يتحدث مع شخص آخر.
- هذا الطفل ملتزم تماماً بالأمور التي يعرفها ومن الصعب إقناعه بالتغيير. فهو يرفضه بشكل قاطع سواء تعلق بشكله أو تغيير الأماكن المحببة له أو أي من الأشياء التي اعتاد عليها.
- يقوم بتكرار نفس السلوك دون ملل. فهو طفل روتيني بدرجة ملحوظة.
- عدم القدرة على التواصل الاجتماعي. فهو من الصعب أن يفهم تعابير الآخرين أو إشارات الوجه أو المشاعر المختلفة له. وهذا الأمر يعتبر من أكثر ما يسبب له صعوبة في التعامل ويجعله مائلاً للانطواء والعزلة.
- يحاول الطفل المصاب بمتلازمة أسبرجر إيجاد نمط متماثل يشعر معه بالنظام وعدم الارتباك. لذلك يقومون بتنظيم الأشياء في خطوط مستقيمة أو بطريقة منظمة جداً. إنهم يشعرون بالراحة في التواجد في الوسط الواضح المرتب الذي لا يؤدي إلى زيادة شعورهم بالارتباك.
- يعاني الأطفال في هذه الحالة من صعوبات في النوم.
- قد يكون لديهم اختلاف وعدم تناسق في الحركة أي عند المشي أو اللعب أو الكتابة.
- لا يحبون الأمور المتعلقة بالنظافة الشخصية. فهم لا يحبون الاستحمام أو تغيير الملابس.
- من الممكن أن يعالجوا بعض مشاعرهم أو يعبروا عنها من خلال العنف أو الصوت المرتفع.
كيف من الممكن أن نساعد الأطفال المصابون بها؟
أهم ما يميز الإصابة بهذه المتلازمة أن المصاب يبدي مع العلاج استعداداً هائلاً للتحسن. ولكن التحسن مشروط في الكثير من الأحيان بسلوك الأشخاص في المجتمع من حوله. قد يكون من الصعب علينا أن نفهم هذا الشخص نتيجة سلوكه غير المألوف لنا، لكن من الممكن أن نقدم له بعض جوانب المساعدة منها.
- دمج الطفل مع الأطفال الآخرين من خلال الأنشطة التفاعلية بشكل يستطيع القيام به و بالتدريج. وهذا الأمر منوط أكثر بالمدرسين الذين لديهم دراية بطبيعة هذه الحالة. ومن الممكن أن يكون النشاط عبارة عن حلقة لإبداء الرأي لتشجيع الطفل على الحديث ومعاونته على تجاوز خوفه وقلقه.
- يحتاج أيضاً الأطفال المصابين بهذا الاضطراب إلى منع أي شكل من أشكال التنمر الذي من الممكن ممارسته ضدهم.
- من الممكن الاستفادة من حب هؤلاء الأطفال إلى التنظيم والروتين ومن ثم يختار المعلم طفل يكون معه بشكل دائم. بالطبع سوف يكون المعلم قادراً على اختيار أكثر الأطفال المناسبين لهذه المهمة.