ما هذا الصوت الذي لا ينقطع أبداً؟ لا إنه ليس صوت الطفل كثير الكلام. بل هو الصوت الداخلي للأم والأب الذي يبحث معهم عن حل أو منفذ للهروب والاختباء. هذا الصغير يملأ مساحة الصمت بأضعاف حجمه الضئيل وكل محاولات إسكاته تنتهي إلى لا شيء. في النهاية يبقى لدى الوالد والوالدة صداع لا يذهب أبداً.. لكن صدقوني الطفل الثرثار ليس مشكلة كبيرة طالما عرفنا توجه ثرثرته بالطريقة الأمثل. وهذا ما سوف نتعرف عليه.
اقرأي أيضا: الخطوات العملية لعلاج تأخر الكلام عند الأطفال
عليك أن تكوني سعيدة لأن لديك طفل ثرثار
الآن سوف تقرأين هذا العنوان وتقولين أن كاتبته من المؤكد أن لديها مس من الجنون أو الخبل. لكن مهلاً قد يسبب الطفل كثير الكلام الكثير من الإزعاج، ومع ذلك فإن هذا الأمر دليل على أن لدينا طفل مميز لدرجة كبيرة. دعينا نتغاضى عن محاولات الإسكات الفاشلة – والتي سوف نعرف كيف نجعلها ناجحة في السطور المقبلة – كذلك ناهيك عن شكوى المدرسة، أو محاولة المعلمة أن تجعله يجلس وحيداً للكف عن الثرثرة. كل هذه الأمور من الممكن التعامل معها بحكمة. لكن دعينا نقول لكِ ما هي أسباب السعادة لوجود هذا الطفل في بيتك.
أسباب تجعل الطفل كثير الكلام ناجح جداً
لديه شخصية اجتماعية
هذا الطفل قادر على تكوين صداقات متعددة وكثيرة. لأن لديه رصيد كبير من الحكايات والأمور التي يشاركها مع الآخرين. والصفات الاجتماعية تعتبر معياراً مهماً للشخصية الناجحة.
قادر على التعبير عن نفسه
اليوم إذا كان طفلك يبلغ من العمر 4 أو 5 سنوات أو أكثر من ذلك فهو سيكون قادراً على مشاركة كل أحداث يومه معك. إن عقله وما يدور في قلبه بمثابة كتاب مفتوح أمامك دون محاولة لفك شفرته. هذا الأمر سوف يترك أثره في مرحلة المراهقة ويكون من السهل التواصل معه ومعرفة أحداث يومه دون الكثير من المجهود.
لديه القدرة على التأمل
الطفل كثير الكلام لا يفعل ذلك لخمس أو عشر دقائق. إنه على استعداد أن يتكلم لساعات طويلة. ولن يحدث ذلك إلا لأن لديه عقلية متفكرة. إنه كثير التأمل ودائماً ما يتسائل حول الكثير من الأمور ويبحث عن الإجابات التي تريح عقله.
الذكاء وسرعة البديهة
هذا هو الجزء الأكثر سعادة في الموضوع. حيث أن الأطفال الذين لديهم قدرة على التحدث والانتقال من موضوع إلى موضوع. يكون معدل ذكائهم مرتفع جداً. كما أن سرعة البديهة تكون صفة مميزة لهم.
هذا هو الجانب السيئ
لكن على جانب آخر من الحكاية فإن هناك بعض الجوانب السلبية في الطفل الذي يتحدث كثيراً. هذا ما يجعلنا نبحث عن الطرق الصحيحة من أجل استغلال القدرة على التعبير بشكل إيجابي. ومن الأمور السلبية المتعلقة بالطفل الثرثار.
عيوب الطفل كثير الكلام
- قد لا يعرف ما هي الحدود بين ما يجب أن يتحدث فيه وما يجب أن يتوقف الكلام عنده. وهذا لأن حماسته واندفاعه يقودانه بشكل متهور.
- من الصعب الاحتفاظ بالكثير من الأسرار إذا تعلق الأمر بالأسرة والعائلة.
- قليل الإنصات إلى الأشخاص من حوله.
- قد يقاطع أحاديث الكبار ومن الصعب أن تحصلي على حديث مع أي أحد في وجوده.
- يكلف الكثير من الوقت والمجهود للاستماع إليه مما يرهق الأب والأم بشكل كام.
خطوات للتعامل الأمثل مع الطفل كثير الكلام
إذاً هيا بنا نسيطر على الأمر. سوف نعرف في النقاط التالية كيف نتعامل مع الطفل في هذه الحالة. لكن من ناحية أخرى لابد أن يكون تعاملنا إيجابياً. نحن لدينا ثروة لكن تحتاج إلى استثمارها بالشكل الأمثل. كذلك من المهم أن نشير إلى أن العصبية أو إعطاء شعور للطفل أن الاستماع إليه أمر غير مرغوب فيه ليس هو أبداً الطريق الذي يجب أن نسلكه. لكن علينا أن نسلك الطرق التالية وأضمن لكم أنها فعالة للغاية.
تحديد ماهية الموضوع المثار
علينا أن نحدد نوع الثرثرة يقوم بها الطفل. وهنا لدينا نوعان الأول هو الحديث الذاتي الذي لا يهدف إلى إثارة الأب والأم نحو شيء ما. هذا من الأنواع التي من الممكن تجاوزها والانشغال ببعض الأنشطة. لكن عندما تكون الثرثرة بهدف مشاركة فكرة معك فهنا علينا الانتباه والمشاركة حتى يكون لدينا طريقنا للسيطرة فيما بعد.
وقت محدد للاستماع الكامل
إذا عرف طفلنا من الخطوة السابقة إننا نهتم بالاستماع له. لكن الآن يجب علينا وضع بعض الحدود. يحدث ذلك من خلال إخبار الطفل أن هناك الكثير من المهام التي علينا القيام بها. وهنا يكون عليه أن يحدثنا عن أكثر الأشياء المهمة بالنسبة له والتي يحتاج إلى رأينا بشدة فيها. وبعد إنهاء الأعمال من الممكن أن نتشارك بعض الحكايات الأخرى.
تجنب العبارات السلبية
خطوط و إشارات حمراء كثيرة يجب أن نضعها على الكثير من العبارات ونتوقف عنها. لا يجب أن نذكر أمامه قول “إنك طفل كثير الكلام”، أو “لماذا لا تتوقف عن الكلام أبداً”.. ما نحاول التخلص منه سوف يكون سمة أبدية في هذه الحالة.
وضع الحدود التي لا يمكن تركها
من المهم أن نبدأ في توجيه الطفل إلى الحدود المتعلقة بالكلام. مثلاً لا يمكن مشاركة كل الأفكار. لا يمكن الحديث مع الآخرين في كل الأمور التي تحدث داخل الأسرة. كذلك مراقبة حركة الآخرين. من المهم أن يفهم الطفل ما هو الوقت المناسب للتوقف عن الكلام إذا أعطى الآخرين الإشارات التي تدل على ذلك.
لعبة الصمت
أظن أننا لعبنا كثيراً هذه اللعبة. دعونا نقيم مسابقة للصمت داخل المنزل ومن يكسر الصمت أولاً يكون هو الخاسر وعليه أن يتحمل العقوبات المترتبة على ذلك.
في النهاية لابد أن نشير إلى نقطة مهمة وهي أن قد يكون فرط الكلام دليل على الذكاء والاجتماعية عند الأطفال. لكن من ناحية أخرى قد يدل على وجود بعض الاضطرابات مثل فرط الحركة أو متلازمة أسبرجر. ولهذا عليك مراقبة الأمر والقيام بالنصائح السابقة. أما إذا تجدي نفعاً فمن المهم أن نحصل على الرأي الطبي في هذا الأمر.