ما هي حكاية النوتي كورنر التي بدأت منذ 200 عام؟

منذ سنوات قليلة ماضية عرفنا النوتي كورنر على أنه شكل من أشكال التأديب الحديث للأطفال ونوع من العقاب الفعال. لكن في الواقع الأمر ليس كذلك. أولاً النوتي كورنر وسيلة عقاب قديمة جداً بدأت في العصر الفيكتوري في إنجلترا. وفي عصرنا الحالي هذه وسيلة عقاب قد تكون جيدة في بعض الجوانب لكن استخدامها بصورة خاطئة يؤثر سلباً على نفسية الطفل. فما هي الحكاية؟ دعونا نبدأها من 200 عام.

النوتي كورنر في إنجلترا منذ 200 عام

بدأت فكرة ركن العقاب للأطفال في إنجلترا في العصر الفيكتوري. وكان الوقوف في الزاوية هي الطريقة التي يتم بها عقاب الأطفال ونبذهم. وقد انتقلت في نفس الوقت تقريباً هذه الطرق إلى الولايات المتحدة الأمريكية. 

والأصل في فكرة الوقوف في الزاوية أو زاوية العقاب هي منح الطفل شعور بالعار والعقاب وبالتالي يبتعد عن السلوك الخاطئ. وقد أخذت الفكرة أشكالاَ مختلفة مثل الجلوس على طاولة يطلق عليها طاولة المغفل. أو الجلوس في الزاوية المغمورة أو ارتداء قبعة المغفل.

وقبعة المغفل هي نوع مختلف من العقاب. حيث يرتدي الطفل قبعة مدببة الأطراف. وهذه الفكرة مبنية على رؤية فلسفية تقول أن القبعات المدببة تساعد على جعل الأطفال أذكياء. 

إذاً الفكرة في البداية تعتمد على شعور الطفل بالخزي أمام زملائه وبالتالي لا يكرر من سلوكه مرة أخرى. لكن هل هذه الفكرة قادرة على النجاح في وقتنا الحالي؟

التأثيرات السلبية للنوتي كورنر على الطفل

بالطبع ندرك حالياً أن محاولة دفع الطفل إلى الشعور بالخزي والعار ليس هو الوسيلة الناجحة للتربية. بل الأمر له تأثيرات سلبية مختلفة. لذا النوتي كورنر أو ركن العقاب من الممكن أن يتحول من وسيلة للتربية إلى وسيلة للضغط النفسي على الطفل.

ومن الممكن أن نوضح الجوانب السلبية لاستخدام النوتي كورنر في النقاط التالية:-

• فكرة عزل الطفل في مكان منعزل ليست بالفكرة الجيدة إطلاقاً. هنا لن يفكر في الخطأ الذي ارتكبه لكنه سوف يفكر في كيفية الهروب. كذلك يعمل هذا العقاب على تعزيز فكرة اللامبالاة وعدم الشعور عند الطفل خاصة لو كان أقل من ثلاثة سنوات. حيث أنه لا يدرك ماهية العقاب.
• عندما نضع الطفل في النوتي كورنر أو كرسي العقاب سوف يفكر في الاعتذار بأسرع ما يمكن. هنا هو لا يعتذر فقط على ما قام به. لكن هو وجد طريقة سريعة للإفلات من العقاب. لذا ربط ركن العقاب بالاعتذار خطأ كبير نقوم بارتكابه.
• في هذا الركن لن يفهم الطفل عقابه بمفرده. إنه يخضع له دون فهم. وهذا الأمر سوف يؤدي إلى كيفية تهذيب مشاعره والتعامل معها بصورة صحيحة.
• ما نقوله للطفل عند ذهابه إلى هذا الركن أنه شقي يعتبر من أسوأ الأساليب التي نوجهها للطفل. إننا نثبت في عقله أننا نعاقبه لأننا نرفضه هو شخصياً وليس رفضاً للسلوك التي قام بها.
• شعور الطفل بالخزي أو بالإحراج عندما يتم استخدام هذه الوسيلة كعقاب في المدرسة تؤثر على ثقته بنفسه بدرجة كبيرة وتجعل سلوكه يزداد سوءاً فيما بعد.

كيف نحول ركن العقاب إلى وسيلة تربية ناجحة؟

دعونا نتفق أن فكرة النوتي كورنر تقوم على وضع الطفل في مكان لكي يعرف أن هناك خطأ تم ارتكابه. كذلك إعطائه فرصة للتفكير في الخطأ والاعتذار عنه. كذلك من أهداف ركن العقاب هو إخراج الطفل من معركة عنيفة مع أشقائه حتى يبدأ في الهدوء وبعدها التفكير في الأمر. إذاً كل هذه الأهداف مشروعة. لكن حتى لا يتحول الأمر إلى عقاب سلبي سوف نحتاج إلى وضع بعض القواعد المهمة المتعلقة بالتواجد داخل ركن العقاب.

• في البداية يجب أن يكون ركن العقاب ليس مكاناً بعيداً ومنعزلاً. لا يجب أن نترك الطفل في عزلة. لكن فليكن تستطيعين التواجد فيه مع الطفل. كذلك لا يمكن أن تتركي الطفل يجلس وحيداً لكن كوني بالقرب منه. الحالة الوحيدة لجعل ركن العقاب بعيداً هو عند إنهاء حالة من الشجار بين الأخوة.
• لا تقولي أن الطفل سوف يذهب إلى النوتي كورنر لأنه نوتي أو شقي. لكن وضحي له نوعية الخطأ الذي قام بارتكابه.
• لا تضعي الطفل في هذا الركن وأنتِ في حالة غضب. من المهم أن تسيطري على انفعالك حتى تكوني قادرة على توصيل المقصد من العقاب للطفل. إن الغضب ووضع الطفل على كرسي العقاب دون توعيته حول الأمر يعتبر حبساً انفرادياً.
• يجب أن تكون فترة العقاب قصيرة وثابتة ولا تزيد عن 4 دقائق. وفي نفس الوقت تأكدي أنها ثابتة في كل مرة وأن الطفل يقوم بإنهائها.
• لا تجعلي الاعتذار هو الوسيلة التي تساعد الطفل على الهروب من ركن العقاب. هو في هذا المكان لكي يتكلم عن الخطأ ويفكر فيه وليس لكي يقوم بالاعتذار. لأن اكتشافه أن الاعتذار هو وسيلة الهروب سوف يعرف الطفل كيف يستغل ذلك جيداً.
• لا تجعلي هذا الركن هو الوسيلة المستخدمة في كل مرة يرفض فيها الطفل الانصياع للأوامر. مثلاً إذا رفض أن يقوم بترتيب غرفته أو الذهاب إلى حفلة لانه خجول لا يجب وضعه في النوتي كورنر. في هذه الحالات من الأفضل استخدام عقاب أقل صرامة. لكن ركن العقاب لابد أن يكون مع الأخطاء الكبيرة.

 .