في كثير من الأحيان يعطي لنا أطفالنا إشارات بأنهم لديهم حالة خوف من المدرسة. الخطأ الكبير الذي نرتكبه هو أننا نعتقد أن الأمر كسل أو خدعة يقومون بها، لكن في كثير من الأحيان لا يكون كذلك. فوبيا المدرسة حالة نفسية حقيقية قد تحدث للأطفال ولها العديد من الأسباب والعلامات. فإذا كان طفلك يعاني منها فهيا بنا نعرف ما هي الحلول الممكنة.
ما الفرق بين الخوف من المدرسة والرغبة في الغياب؟
سوف تحتار كل أم في معرفة ما إذا كان طفلها لديه خوف من المدرسة بشكل حقيقي، أم أن الأمر مجرد خدعة يقوم بها الابن أو الابنة من أجل الغياب والهروب من المسؤولية. لكن حالة فوبيا المدرسة أو رهاب المدرسة هي تقوم على القلق والاضطراب لدى الطفل. لذلك نجد أن الأطفال المصابين بها يكونوا أكثر رغبة في البقاء مع والديهم أو مقدمين الرعاية لهم. إنهم يخشون الانفصال عنهم بأي طريقة. كما أن القلق يبدأ في الظهور عليهم بشكل جسدي، أي في صورة بعض الأعراض المرضية. على عكس الأطفال الراغبين في الغياب فهم لا يبدون أي إشارات جسدية أو علامات تدل على الاضطراب والقلق.
خطأ يرتكبه الوالدان قبل المدرسة
وهنا يأتي تساؤل مهم، هل الوالدان لهم دور في إصابة الأطفال بالخوف من المدرسة؟ الحقيقة هي نعم. لأن عندما يقوم كل من الأب والأم بتقديم الحماية للأطفال بشكل زائد في المراحل العمرية الأولى يكون الانفصال عنهم صعب. ونقصد هنا المبالغة في الحماية والارتباط.
كذلك فإن فصل الأطفال عن والديهم يجب أن يكون بعد العام الأول. بشكل تدريجي وممنهج لابد من تعويد الطفل على الاعتماد على نفس ومحاولة الحماية الذاتية المناسبة له في هذا العمر. لكن إذا لم يحدث هذا فإن انفصال الطفل عن أبويه لحظة دخول المدرسة يكون أكبر سبب في إصابته بالرهاب والخوف.
نشير أيضاً هنا إلى نقطة مهمة وهي أن الأطفال في هذا الموقف يعجزون عن التعبير عن مشاعرهم الداخلية. كما يكون من الصعب عليهم محاولة توصيل القلق للآخرين وهذا هو سبب ظهور المشكلات الجسدية لديهم.
لماذا يخاف الأطفال من الذهاب للمدرسة؟
عندما نسمع أطفالنا يقولون “نحن نخاف من المدرسة” أو ما نبادر بقوله هو “وهل في المدرسة شيء مخيف؟. والحقيقة أن ما نخشاه نحن بالطبع لا يشبه ما يخاف منه الصغار. إننا كبالغين لا نخاف من عدم استطاعة الإجابة على الأسئلة أو عدم إتمام الواجب المدرسي، لكن بالنسبة للأطفال هذا أكبر وحش من الممكن أن يقابلوه. هنا من الممكن أن نقسم أسباب الخوف من المدرسة إلى قسمين.
أسباب منزلية تؤدي إلى فوبيا المدرسة
- خوف الطفل من الانفصال عن والديه الذين يعتبرهم مصدر لحمايته.
- وجود مشاكل أسرية، مثل الخلافات العائلية أو الطلاق.
- انتقال الطفل من المنزل الذي اعتاد عليه له تأثير نفسي كبير.
- الحصول على الكثير من التدليل والاهتمام في الوقت العادي بشكل يفوق الحد.
أسباب خارجية لحالة الخوف من المدرسة
قد لا يرتبط خوف الطفل من الذهاب إلى مدرسته فقط بالأسباب الأسرية. دون أن نعلم فإن الطفل قد يواجه مشاكل كبيرة تسبب له حالة الخوف ومنها:-
- وجود صعوبة في التعلم والدراسة مما يقلل من ثقته بنفسه.
- إذا كان المدرس يتعامل مع الطفل بشكل فظ وعنيف.
- تعرض الأطفال للتنمر وعدم قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم.
- الخوف من النقد أو السخرية أو المواجهة أو العقوبة من قبل المعلم أو غيره من موظفي المدرسة.
- إذا كان الطفل حساساً بدرجة معينة تجاه أي من الأنشطة مثل الغناء أو النشاط الرياضي.
- الخوف من عدم الحصول على النتائج المثالية في المواد المختلفة.
كيف أعرف أن ابني خائف حقاً؟
يضعنا الأطفال في الكثير من المواقف المحرجة حقاً. إنهم يحاولون الضغط على مشاعرنا من أجل التنازل وتركهم في المنزل. لكن من الممكن أن نفرق بين إذا كان الطفل خائفا بشكل حقيقي أم أن الأمر لم يزد عن رغبة في الكسل. نعرف ذلك من خلال العلامات التالية:-
- ظهور أعراض جسدية ليس لها علاقة بالحالة المرضية. مثل ألم المعدة والإسهال والقيء والشعور بالغثيان.
- تعرض الطفل لنوبات من البكاء و الغضب خاصة عند الانفصال عن والديه.
- الخوف من الظلام أو التواجد في الغرفة وحيداً.
- مواجهة الكثير من الصعوبات أثناء النوم ورؤية كوابيس متكررة.
- وجود مخاوف مبالغ فيها من الحيوانات العادية مع الحديث كثيراً.
- الاختباء والتشبث في المكان.
- ظهور علامات القلق والهدوء بمجرد معرفة أنه سوف يبقى في المنزل.
كيف نتغلب على خوف الأطفال من المدرسة؟
إذاً نأتي الآن لحل المشكلة. من المؤكد أننا لن نترك أطفالنا للخوف، وفي نفس الوقت لا يحبذ أحدنا أن يبقي أطفاله في المنزل. لذلك من الممكن أن نعمل على حل المشكلة بهدوء وبشكل سليم من خلال الخطوات التالية.
- علينا في البداية أن نتأكد من أن الأعراض التي تظهر على الطفل تحدث بسبب عارض نفسي وليس مشكلة صحية.
- من المهم أن نقيم حواراً بسيطاً مع الأطفال لكي يشاركونا أفكارهم عن المدرسة. من الممكن من خلال الحكي والحديث أن نتعرف على السبب وراء رفضهم الذهاب وشعورهم بالخوف.
- إذا كان هناك مشكلة تتعلق بالمدرسة لابد من التحاور مع المسؤولين لمعرفة كيفية القيام بحلها.
- تغيير البيئة التي أدت إلى تنمية مشاعر الخوف لدى الأطفال.
كيف نتحدث مع أطفالنا حول فوبيا المدرسة؟
قلنا أن أهم خطوات الحل تمكن في الحديث مع الأطفال حول أسباب الخوف. لكن هناك مجموعة من الملاحظات المتعلقة بإقامة حوار. منها مثلاً التخلي عن العصبية والهدوء. إذا كان لدينا قلق وعصبية بشأن موقفهم فلن يكون في مقدورنا الحل أبداً.
لا يمكن أن يكون كلامنا متواري أو بشكل غير مباشر. كذلك لابد أن يكون حازماً. أي أننا لا يجب أن نفهم الأطفال أن خيار ترك الذهاب للمدرسة متاح، بل إنه خيار مرفوض، لكن علينا إيجاد حلول لمشاكلهم. لذا يجب أن نتخلى عن الكلمات التسويفية، مثل ” إذا ذهبت للمدرسة سوف يحدث …” لكن علينا أن نقول عندما “تذهب للمدرسة سوف يحدث ….”.
من المهم أن يكون حوارنا مع أطفالنا تحفيزياً، وأن يشعروا أن مواجهة مخاوفهم تعتبر شجاعة لابد من القيام بها، وإننا سوف نكون فخورين بهم في حالة مواجهة الأمر وعدم الاستدارة إلى الوراء.
في النهاية لابد أن نقول أن مشاعر الخوف طبيعية. لا يمكن أن لا يمر بها أي إنسان في الحياة. لكن من الحظ الأطفال أننا معهم وعلينا أن ننقل إليهم القوة والشجاعة حتى يواجهوا ما عليهم مواجهته. لكن الضغط أو التجاهل ربما سوف يجعل الأزمة تتفاقم عليهم وعلينا في نفس الوقت.
اقرأي أيضاً: بداية الدراسة والصحة العقلية للأطفال أثناء انتشار كورونا