منوعات

هذا ما يفعله “الحضن الكبير” في أطفالنا

الحضن الكبير .. اتفق علماء النفس على مقولة واحدة وهي ” الإنسان يحتاج إلى حضن في اليوم لكي يظل على قيد الحياة، ويحتاج إلى 8 أحضان حتى يتغلب على أوجاعه و12 حضن في اليوم حتى ينمو”.. هذا ما يحتاجه بشكل عام لذا احسبي معي كم مرة قمتى بمعانقة طفلك واحتضانه منذ الصباح؟ إذا اكتشفتي أنه لم يحصل على أي عدد لذا عليك في البداية أن تقومي بجزء من واجبك وتعطي طفلك حضناَ كبيراً ثم عودي مرة أخرى لكي نعرف سوياً ما هو تأثير العناق على أطفالنا، وكيف أننا بحرمانهم من هذا الحق نؤثر على كل الجوانب في حياتهم.

ما هي عدد المرات التي نحضن فيها أولادنا على مدار اليوم؟

تأثير العناق على الأطفال

أظن أن كل أم وكل أب في حاجة إلى العناق أكثر من الأطفال، من الجميل أن نرى من أنفسنا قطعة متجسدة أمامنا لكي نقوم بعناقها، إننا بهذا نصلح أنفسنا ونركن إلى جزء من حياتنا ما زال نقياً وبعيداً عن كل ما تم إفساده داخلنا، إننا نحتاج إلى صورتنا القديمة المتجسدة في أطفالنا لكي نتمسك ونحنو عليها..هذا ما يفعله بنا الحضن. لكن هل نفعل ذلك؟ سوف أنتظر الإجابة في التعليقات كم مرة تعانقين فيها أولادك؟ ما الذي تشعرين به؟ هل تلاحظي أن هذا الأمر له تأثير عليهم؟

من الصعب أن نعمم ومن الصعب أن نقول أن كثير من الأمهات لن تتردد ثانية في التضحية بحياتها من أجل أطفالها، لكن هل تعانقهم بنفس هذه الحماسة؟ هذا سؤال موجه للجميع ولابد من الإجابة عليه بصدق تام ودون وضع مبررات. فإذا قلت لك أن حصة الطفل اليومية من الغذاء الصحي هي كوب واحد من اللبن فأنت سوف تحاربين العالم لكي يحصل عليه، وإذا قلت أن حصة الطفل من الغذاء النفسي في اليوم هي عدد لا يقل عن 4 أحضان فلا يوجد أي مبرر لمنع هذا الوريد عنه. ربما في ثقافتنا نشعر أن مسئوليتنا تجاه أطفل أكبر من ذلك، مسئوليتنا هي توفير مستوى حياة راقي، ومدرسة تضمن له مواكبة التطورات، وآلاف من دورات تنمية المهارات والمعلومات لكن عندما يتعلق الأمر بالمشاعر أظن أننا سوف نلاحظ تراجع للوراء. 

هل يؤثر “الحضن” على نمو الطفل؟

من خلال العديد من الدراسات التي تحاول أن تعرف مدى تأثير التلامس الجسدي على الأطفال وجد أن الأطفال الذين يحرمون سريعاً من الاتصال الجسدي عن آبائهم عن طريق التوقف عن العناق أو الأشكال المختلفة للتقارب الجسدي سواء أثناء الاستماع أو اللعب فإن هؤلاء الأطفال يصابون بما يطلق عليه “فشل النمو”.وتحدث هذه الحالة حتى مع الاهتمام بالتغذية الصحية للطفل.

ويعود السبب العلمي وراء تلك الحالة إلى أن العناق أم التقارب الجسدي يؤدي إلى إفراز هرمون يطلق عليه هرمون oxytocin، وهو يطلق عليه أيضاً هرمون الحب، وله دور كبير في عمليات النمو في جسم الإنسان بشكل عام، حيث أن زيادة هرمون الـ oxytocin تؤدي إلى تحفيز هرمون النمو وخاصة النمو العصبي.

ما الذي يحدث عندما أعانق أطفالي؟

العناق يساعد على نمو الطفل

كما قلنا من قبل فإن العناق له الكثير من الأبعاد الإيجابية سواء على الأم والأب أو على نمو الطفل، لكن الأمر يتعدى النمو الجسدي والصحي، بل إن دور العناق كبير في بناء شخصية الطفل وفي تحسين سلوكياته إلى درجة كبيرة، وفي النقاط التالية سوف نتعرف على دور “الحضن” في حياة كل طفل من أطفالنا.

العناق يساعد الطفل على الشعور بالأمان

العناق وسيلة نقول بها للطفل أنه محبوب دون شروط، وهذا يكون له دور كبير على شعوره الداخلي بالأمان والحب، وبالتالي يبدأ الطفل في عملية التعرف على العالم بثقة، لأنه يشعر أن هناك دائماً أشخاص يتقبلونه ويستطيعون حمايته من خلال الرسالة الجسدية التي تم إيصالها له، وبالتالي يكون الطفل أكثر انفتاحية على العالم ويكون مرناً في التعامل مع كل المواقف وقادر على تفهما من الطفل الذي حُرم من هذا الشعور.

العناق يوفر بيئة جيدة لتنمية القدرات العقلية

من خلال مجموعة من التجارب الخاصة بالباحثين في كلية الطب في واشنطن وجد أن الأطفال الذين حصلوا على مقدار أكبر من الحب والعناق من الأمهات وخاصة في سنوات عمرهم المبكرة فإنهم يكون لديهم “حصين أكبر”، والحصين أو الـ hippocampus هو جزء من أجزاء المخ له مسئول عن عمليات التعلم والذاكرة والاستجابة للضغوط، وهذا لا يعني أننا نجعل الأطفال أكثر ذكاءاً لكن ما نقصده هو أن العناق يوفر بيئة آمنة للمخ لكي يستخدم استجابته بشكل واثق وواعي ودون ضغوط وهذا يحسن من فرص التعامل بشكل أفضل مع العمليات العقلية المختلفة.

العناق يساعد على التقليل من الشعور بالإجهاد

العناف يقلل من الشعور بالإجهاد

عندما يدخل علينا الأطفال مرهقين بعد عناء طويل فإن إعطاء الأوامر المتعلقة بواجبات كل فرد فيهم ليس هو أهم شيء يجب أن تقومي به، لابد أن يكون العناق هو أول شيء تقومي به إنه يفتح الأبواب السحرية لتلقي كل الأوامر والإرشادات، لأنه يزيل جزء من الإجهاد الجسدي، وذلك لأنه كما قلنا من قبل أن عملية العناق تعمل على إفراز هرمون الـ oxytocin، وتعتبر منطقة تحت المهاد في المخ هي المنطقة المسئولة عن إنتاج هذا الهرمون ومن تأثير ذلك أنه يساعد على تقليل الشعور بالضغط والاكتئاب وبالتالي يبدأ في تقليل أعراض الإجهاد ويسمح للأطفال بالقيام بالمزيد.

العناق يعزز الثقة بالنفس

من الممكن أن نقول أن الثقة بالنفس تبنى على عاملين أساسيين وهما الحب غير المشروط والعناق، عندما يشعر الطفل أنه مقبولاً ويحصل على قدر من الحب وقدر من العناق فإن ثقته بنفسه تبدأ في التكون، في هذه الحالة لا يكون مدفوعاً لأن يلفت الأنظار ولا تكون لديه رغبة في إثارة المشاكل حتى يتم الالتفات إلى وجوده، وذلك لأن الرسالة الأساسية قد وصلت له وزرعت به وهي أنك شخص محبوب ومقدر والجميع يشعر بك في كل الأحوال.

العناق وسيلة من وسائل التأديب

أحياناً يكون العناق طريقة لإيصال الرسالة التأديبية إلى الطفل، فعندما يقوم بعمل خطأ فإنه عليه أن يتحمل مسئولية ذلك من خلال نوع العقاب الذي سوف تطبقينه، مثلاً لو سوف يتم توجيه الطفل إلى الجلوس في ركن العقاب فيجب أن يتبع ذلك عناقاً طويلاً، لأن بهذه الطريقة نفتح عقل الطفل للاستجابة للرسالة التأديبية التي سوف نوضحها له من الممكن أن يحاول الطفل في البداية أن يبتعد أو لا يقبل هذا التصرف لكن بقليل من المحاولة سوف يبدأ في الاستجابة والاستماع إلى ما تودين قوله.

إذاَ هذه بعض الأشياء التي يمنحها “الحضن” للأطفال، أنهم بحاجة إلى هذا النوع من الاهتمام ولا يمكن أن نهمله أبداً تحت أي ظرف، نعرف أن هموم الحياة كثيرة وأن الضغوط تجعلنا غير قادرين على احتضان أطفالنا لكن لماذا لا نقوم باحتضان أنفسنا في هؤلاء الصغار، أظن أن المحاولة تستحق وأنها قادرة على تغيير الكثير من الأشياء وأظن أن التجارب هي خير دليل حتى بكل التناقضات والفكاهات التي من الممكن أن تحتوي عليها لكنها في النهاية تظل محاولة تستحق، لذا لماذا لا نحاول أن نبدأ بتشغيل العداد اليومي الخاص بالأحضان ونخلق المواقف التي تستدعي ذلك، بعدها سوف يكون من الجميل أن تشاركينا في التعليقات  الخطة التي وضعتيها للقيام بذلك وتحكي لنا كيف كان رد فعلك عندما حاولت القيام بها والرقم القياسي الذي عليك أن تقومي به هو (12 حضن على مدار اليوم الواحد).

أقرئي أيضاً: ساعدي طفلك على اكتشاف العالم لكن “بأقل خسائر ممكنة”

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button