منوعات

صديقة لأولادي .. هل يجب أن يشعر أولادي أني صديقتهم أم المسيطرة عليهم؟

تقول بعض الأمهات ” تعودت أن أكون صديقة لأولادي لكن في كثير من الأحيان أشعر أني فقدت السيطرة”. لكن على الجانب الآخر نجد بعض الأمهات تقول “أنا أسيطر تماماً على الأولاد لكنهم لا يشعرون بالصداقة أو القرب مني”.. إذا المعادلة صعبة وليست سهلة. هنا نحن نطلب من الأم أن تكون صديقة ومسيطرة في نفس الوقت. لكن أظن أنها حتى لو كانت Super Woman فهي أمام مهمة ليست سهلة إطلاقاً.

فكيف تستطيع الأم أن تقترب من أبنائها لكن في نفس الوقت تحكم السيطرة وتضع الحدود؟ وهل من الممكن أن تؤدي الصداقة المطلقة إلى آثار سلبية على الأولاد؟ أم أن السيطرة الكلية هي من تفسدهم؟ أظن أن هذه أسئلة صعبة للغاية لكن تعالوا نبحث سوياً ونفكر معاً في بعض الإجابات.

هل من المفترض أن أكون صديقة لأولادي؟

هذا السؤال من الأسئلة التي لا يمكن أن يجاب عليها بالتأكيد أو النفي، وهذه ليست أحجية أو فزورة عليك أن تجيبها. لكن تعتمد على شيء واحد وهو تعريفك أنت لكلمة الصداقة، فالصداقة بشكل عام هي مجموعة من الأشخاص الذي يجمعهم اهتمام بشيء مشترك ويستطيعون فعل الكثير من الأشياء سوياً دون حدود. وفي كثير من الأحيان يفعلون أشياءاً خاطئة ويتسامحون معها دون أن نعرف..لكن المعضلة أمامنا هنا هي أنك أم، إذاً كيف من الممكن أن تري الأطفال يخطئون دون محاولة للتقويم؟ أظن أن الأمر يحتاج إلى تفكير.

أيضاً الصداقة تعتمد على أن يفشي كل صديق سره للآخر، من المهم جداً أن يقول الأطفال أسرارهم إليك. لكن هل من الممكن أن تفضي إليهم بكل أسرارك؟. أو هناك مساحة كبيرة لمشاركة كل المشاكل التي تواجهينها سواء مشاكل المنزل المادية. و في حالة وجود مشاكل مع الزوج أو أي شيء آخر.. أظن أن هذا ليس ممكناً.. لذا قبل أن نقول كلمة صداقة ونجعلها كلمة مطلقة لابد من أن حدد بالضبط ما هو معناها وكيف سوف نقوم بإدارتها.

الفرق بين الصداقة وفقد السيطرة

 إذاً نأتي هنا للحد الفاصل بين الأمرين. فكثير من الآباء والأمهات يقولون أنهم أعطوا الأطفال حرية فعل كل شيء وهم أصدقاء أكثر منهم أمهات أو آباء. لكن هنا تم نسيان أن دور كل منهما الأساسي هو تقويم الأطفال. تربيتهم على المبادئ. تعليمهم كيفية التحكم في سلوكهم والقدرة على التفريق بين الخطأ والصواب. لذا فإن إلغاء الحدود بشكل تام، ومعرفة الطفل أنه لا يوجد أي شخص في مركز السيطرة لا يساعد في جعله شخصية سوية أبداً.

كيف تؤثر التربية المتساهلة على الطفل؟

من خلال تجربة تمت على مجموعة من الأطفال الأمريكيين تم توجيه سؤال لهم حول تخيلهم لبعض المواقف الافتراضية التي تحمل بداخلها تجارب تؤدي إلى الشعور بخيبة الأمل أو الصراع الداخلي، ومن خلال إجابات الأطفال وجد أن أكثرهم استجابة لهذا النوع من الصراعات هم الذين لم يواجهوا أي قيود ولم يشعروا بأن هناك آباء وأمهات مسيطرين.

ما هي المساحة الحميمية بين الأطفال والأمهات؟

وبعدما نعبر فكرة التحكم والسيطرة وتقويم الأطفال سوف نجد أيضاً مشكلة قد ترتبط بشكل مع فكرة الصداقة مع الطفل، وهي كسر حدود طفولته، بمعنى أنه من الجميل أن يشارك الطفل أسراره ومخاوفه مع الأم أو الأب، لكن ماذا لو كان العكس؟ سوف يكون الأمر في غاية الخطورة، وخاصة إذا كانت العلاقة الزوجية غير مستقرة، هنا نجد أن أي من الوالدين يقول للطفل أنه كبير وقد تعودوا على الصراحة والمشاركة وهذا يتطلب من الطفل أن يتفهم المشاكل الموجودة، لكن هذا ليس دور الطفل أبداً، حدود الصداقة لا تعني أنه لابد أن يتم التعامل معه وكأنه شخص بالغ له القدرة على التعامل مع المشاكل، هذا أثقل من كاهله الصغير ولابد من أن يبتعد عن مشاهد مثل ذلك تماماً.

إذا ما هو الذي يربط وما هو الذي يفصل بين الصداقة والسيطرة؟ أظن أنهم كلمات بسيطة، مساحة من الدفء، مساحة من الثقة، و شيء من الحدود وهذا كله من الممكن أن ندرجه تحت مصطلح “الرفقة الآمنة”.

كيف تبني علاقة صداقة آمنة مع الأولاد؟

هنا نأتي للخطوات العملية التي تساعد على ذلك لكن من قبل لابد من تحقق بعض المعايير لكي يسير الأمر بشكل سليم.

المعيار الأول هو التعامل مع الطفل على أنه شخص له عقل الخاص وعالمه وعلينا أن نشاركه في هذا ونساعده في إيجاد الإجابات المناسبة. وفي نفس الوقت نختار الطريقة المناسبة لتوصيل الأمور له. بمعنى إذا طلب الطفل أن يذهب إلى مكان لا يتوفر للوالدين تكلفته، لا يجب عليهم أن يقولوا له ” لن نذهب مطلقاً ولا يوجد سبب لذلك” ولا يجب أن نقول “لا يوجد مال للذهاب لأن الأسرة تمر بضائقة مادية”. لكن البديل المناسب هو القول “نحن مثلك نشعر بالرغبة في الذهاب..لكن في هذا التوقيت هناك بعض الأولويات المادية التي سوف تعوق ذلك”.

المعيار الثاني هو أن الصداقة في هذه الحالة تقوم على بناء ثقة متبادلة وحديث عميق، وأن يشعر الطفل بأنه يريد أن يكون بصحبة والديه دائماً، لكن هذا لا يمنع أن الآباء يقومون بوضع الحدود الأخلاقية ولديهم الحق في التدخل في الوقت المناسب، إذاً الصداقة لا تعني إلغاء الحق في السيطرة تماماً.

كيف أكون صديقة للأولاد؟

في النقاط التالية سوف نتعرف على بعض الأفكار التي تساعد على بناء علاقة صداقة جيدة مع الطفل مثل:-

صديقة لأولادي “توفير وقت (واحد لـ واحد)”

وما نقصده بوقت (واحد لـ واحد) هو توفير وقت بشكل يومي للحديث مع الطفل حديث مفتوح بحيث يستطيع أن يشاركك الأمور التي يفكر بها. أو المخاوف أو الأحلام أو أن يشعر أن لديه مساحة وقت كافية لكي يحكي لك ما هي الأمور التي قام بها. والمشكلة أن كثير من الأمهات لديها حجة بأن الوقت لا يسمح بذلك وأنها لديها الكثير من المسئوليات. لكن من الممكن اختلاق هذه اللحظات عبر اليوم، مثل وقت توصيله إلى المدرسة، أو وقت تحضير الطعام أو قبل الذهاب إلى النوم. عشرة دقائق من الحديث مع الطفل بشكل قريب وبقلب مفتوح يعطي الكثير من الفروق.

تعويد الطفل على أن يقول كل شيء

الاستماع إلى الطفل له  بعض الخصوصية ويحتاج إلى الكثير من التحكم في الذات، لذا عندما يبدأ الطفل في الحديث ويذكر بعض الأمور الخاطئة التي لا يقوم بها لا تضربي ضربتك وتوجهي له اللوم في الحال أ, تحمي على تصرفه، بهذه الطريقة سوف يمتنع عن قول أي شيء، دعيه يرمي كل ما في قلبه لديك ويتكلم وهو مدرك تماماً أنك لن تصدري عليه الحكم في الحال، لأن الخوف سوف يجعله يحاول أن يواري الكثير من الحقائق، فإذا حدث ذلك اختاري الوقت المناسب لكي يحصل على الدرس، أو أن يعرف ما هو الخطأ الذي قام بارتكابه، امنحيه وقتاً لكي يحكم هو على الموقف من وجهة نظره وبعد ذلك تناقشوا في الأمر.

ما هي الأسئلة المهمة؟

هناك فرق بين كونك أم أو كونك قاضي تحقيق، لذا لا توجهي أسئلة تحقيقية للطفل بحيث يشعر أنه تحت المراقبة، أو أنه في انتظار الحكم أو أن عليه الإجابة الصحيحة، لكن الأسئلة المهمة تكون بهذه الطريقة:-

  • كيف كان يومك؟ 
  • هل هناك شيء تريد أن تخبرني به؟
  • أنا أشعر أننا نحتاج إلى أن تحدث كثيراً حول هذا الأمر.
  • نحتاج إلى نفكر في الذي تعرضت إليه بطريقة أخرى.
صديقة لأولادي “اشتركي مع الطفل في الأنشطة”

الصداقة تقوم على المشاركة، والأطفال يشعرون بالثقة عندما يشاركهم آبائهم وأمهاتهم الأنشطة المفضلة لهم، لذا قليل من الوقت للمشاركة في اللعب أو الهوايات أو الاهتمامات سوف يجعل الطفل يقدر قضاء الوقت معك بشدة ويحبه، وهذا هو مفهوم الصداقة الحقيقي.

صديقة لأولادي .. لا تقومي بالتوبيخ 

لا تقومي بتوبيخ الطفل عند عمل أي خطأ لكن لابد أن يفهم أنه قام بشيء غير مقبول ثم يصلح الأمر لكي تحمل المسئولية، لكن لا توجهي له كلمات مثل “أنت فاشل” “أنت لا تفهم ما أقول” “أنت طفل غير مؤدب”.. لا تقولي ذلك ولا تصرخي في وجه الطفل، وفي حالة إذا قمت برفض أي من طلباته عليك ان تعطيه مبرر واضح للرفض، أو تقومي بإتاحة بديل مناسب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 + ثمانية عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى