منوعات

أنا عصبية مع الأولاد ومش لاقية حل

أنا عصبية مع الأولاد ومش لاقية حل .. 

في يوم صباحي جميل جلست أستمع إلى بعض الموسيقى الصباحية الهادئة على أمل في بعض اللحظات التي تخفف عناء اليوم، لكن يبدو أن الأمور لا تظل كما هي دائماً، فجأة كان هناك صوت أعلى من صوت الموسيقى وأكثر صخباً من كل الطبول الموجودة بها، إنه صوت جارتنا تصرخ في أولادها.. ظننت في البداية أن هناك كارثة تحدث، لكن بعض تركيز بسيط اكتشفت أن الأمر ليس أكثر من صراخ وتنيه لفعل شيء يبدو بسيطاً للغاية.. هذه ليست جارتنا فقط بل آلاف الأمهات يفعلون ذلك.

في يوم آخر كنت أسير بجانب أم وطفلها الصغير، الطفل لا يكف عن الأسئلة، أنه يريد أن يعرف كل شيء، فجأة صدر من الأم صوت أكثر عنفاً من انفجار قنبلة، كانت تأمره بالصمت وأن يكف عن الكلام والأسئلة التي أصابتها بالصداع.

مع الحكايتين قلت أن الأمهات حقاً مساكين، كيف توازن بين طلبات الأطفال التي لا تنتهي وبين الأسئلة التي لا تنقطع، إن كل هذه الأمور تفقد الإنسان السيطرة ومن الطبيعي أن يعلو صوته ويصرخ ويعلن رفضه للجميع، لكني توقفت ثانية أمام الأمر وقلت لكن في النهاية إنها “أم” وحصولك على هذا اللقب يحتاج إلى الكثير من المجهود، الأمر أبعد من آلام الحمل والولادة، لكنها متعلق بمصير إنسان أنتِ مسئولة عن تشكيل وبناء كل مشهد في حياته ومن يتحمل مسئولية مثل هذه عليه إن يدرك العقبات التي سوف تمر به وكيف يتغلب عليها.

أنا عصبية مع الأولاد ومش لاقية حل

نرجع ونقول أن الأمهات مساكين وعلينا أن نعترف، لكن الأطفال أيضاً هم كائنات صغيرة تكتشف العالم من حولها وتحاول أن تبني شخصيتها المستقلة وأن يكون لها الحكم على حياتها ومن هنا يبدأ الصراع الأبدي الذي لا ينتهي وكل أم تقول هذه الجملة في حالة من الندم وانعدام الحيلة فهي تشكو قائلة “أنا عصبية مع الأولاد ومش لاقية حل”. لكن هذا لا يعني الاستسلام التام.

التحكم في العصبية هو نوع من التدريب وبمجرد الانتهاء منه سوف تستطيعي أن تنجحي فيه بشكل تام وقبل أن نتعرف على الحلول لابد أن نعرف أولاً كيف تؤثر هذه العصبية على الحالة النفسية للأولاد.

هل الأم العصبية تشكل خطر على أطفالها؟

إجابة السؤال هي نعم.. لكن ما نقصده هنا العصبية المفرطة، بمعنى أن يكون كل فعل من الأطفال له رد فعل عصبي ومتهور من الأمر دون مقدمات، أو الأم التي تستطيع أن تجري نقاشات مع الأولاد لكنها تعطي الأوامر وكأنها ماكينة أوامر تلقائية تسير في منزل يعيش فيه أطفال صغار، الصوت العالي المستمر هو دليل على العصبية، فإذا لاحظت أنك لا تأخذين هدنة من الشعور الغضب وعدم الرضا وأنك فاقدة في كل الأوقات للسيطرة على نفسك وعلى الأولاد فتأكدي أنك في حاجة إلى دعم نفسي لأن استمرار هذه الحالة لن يفقدك التوازن فقط لكنه سوف يؤدي إلى الكثير من الأضرار على الأطفال.

بشكل علمي من الممكن أن نقول أن تعرض الطفل للضغط العصبي الذي تفرضه الأم عليهم يؤدي إلى زيادة في كل من هرمون الكورتيزون و الادرينالين والنورادرينالين وزيادة هذه الهرمونات هي السبب الرئيسي في الإصابة بمرض السكري والتبول اللا إرادي عند الأطفال، كما أنها تؤثر على مراكز التركيز والذاكرة بشكل كبير بالإضافة إلى الكثير من الاضطرابات النفسية وفضلاً عن ذلك من الممكن أن تؤثر العصبية المرضية عند الأم على الأطفال فيقوموا بانتهاج بعض السلوكيات الجنسية الخاطئة في هذه السن.

ماذا أفعل مع الضغوط والمسئوليات ومتطلبات الأطفال التي لا تنتهي؟

كل أم تبرر السلوك العصبي الذي تنتهجه مع الأطفال أنه ناتج عن الضغط المادي والمعنوي كما أنها تتحمل مسئوليات لا طاقة لها بها بالإضافة أن متطلبات الأولاد لا تنتهي لذا فهي لا تستطيع التحكم ومن ثم تقرر الانفجار في الجميع.. وهنا من المهم أن نشير إلى أن الغضب هو سلوك إنساني مشترك، فعندما تتعرضين لكم كثير من الضغوط فإن الهرمونات والنواقل العصبية وكل شيء في جسمك سوف يؤهلك لحالة للدفاع عن النفس وسوف يجعلك تقفين على الحافة، لكن هنا عليك أن تتفهمي حقيقة الوضع حتى تقدري على السيطرة، بمعنى أنك غاضبة لكن في النهاية فهم أطفالك وليسوا أعدائك، لذا عند شعورك بالغضب توقفي عن كل ردود الأفعال، عن التوجيه، الصراخ، إعطاء الدروس حول الخطأ لا تجمعي بين الغضب ورد الفعل، لو شعرت بحاجة لتفريغ الغضب من الممكن أن تتوجهي إلى غرفتك وتصرخين في وجه الجمادات الموجودة فهذا سوف يكون أفضل كثيراً من توجيه الغضب ناحية الأطفال.. هذه هي الخطوة الأهم عند الغضب أما الخطوات التي تساعدك على السيطرة على الأمور من حولك فسوف نشرحها كما يلي.

كيف أتخلص من عصبيتي تجاه أطفالي؟

دعينا نبدأ سوياً ونتعرف على بعض الخطوات العملية التي تظهر في التالي:-

ضعي حدوداً قبل التحول إلى الغضب

معظم الأمهات تترك الأمور بعيدة عن السيطرة لوقت طويل ومن ثم تبدأ في التفاقم وهنا تفقد القدرة على التحكم في الغضب، لذا من المهم أن تقللي من هذا المعدل، من الممكن أن نوضح ذلك بمثال بسيط، مثلاً الأطفال يلعبون وصوتهم يتزايد ويبعثرون الأشياء، أنت متعبة ومررت بيوم فيه الكثير من المشقة، سوف تنظري للفوضى التي تنتشر من حولك في صمت ومن ثم سوف تنزعين الفتيل وتقرري الانفجار، لكن كان هناك فرصة للحد لوضع الحد، في البداية لابد أن يعرف الأطفال أنك مررت بيوم طويل تحتاجين فيه للراحة وعليهم أن يحترموا ذلك، حددي العقوبات التي سوف تحدث في حالة تكرار الصراخ وحملي كل طفل مسئولية ترتيب الفوضى بهدوء وحسم، أنتِ في هذه الحالة قمت بتقليل الخسائر ووضعتي حدود تساعدك على التقليل من الشعور بالغضب وزيادة حالة التوتر.

تعرفي على علامات التوتر وفكري قبل اتخاذ القرار

أنت على وشك العصبية، الدماء تفور شيئاً فشيئاً في عروقك، هناك الكثير من الكلمات والرصاصات التي لابد أن تنطلق، سوف تنطلق الآن.. إنها تقترب.. أليس هذا ما يحدث لك؟ لكن من الممكن التعامل مع ذلك، بينما يبدأ التوتر في السيطرة عليك قومي بتهدئة نفسك، أولاً كما قلنا توقفي تماماً عن محاولة اتخاذ أي من ردود الأفعال، بعد ذلك احرصي على التنفس لمدة دقائق بهدوء لأن ذلك سوف يساعدك على تحويل الغضب إلى حلول إيجابية وليس إلى حالة من الصراخ، هنا لابد أن تخبري نفسك أنك لست أمام كارثة كبيرة وهناك دائماً حلول.. بعد ذلك حاولي أن تحولي الموقف إلى بعض من الكوميديا مع الأطفال هذا سوف يخفف من غضبك وسوف يسرع من استجابتهم الإيجابية لك.

استمعي إلى الغضب قبل أن تتصرفي من خلاله

التصرف الناتج عن الغضب قادر على إفساد كل شيء، لذا الاستماع إلى الغضب هو المهم في هذا الوقت، بمعنى أن الاستجابة العصبية لك في كثير من الأحيان تكون ناتجة عن الموقف الموجود أمامك، لكنها تكون ناتجة عن مواقف أخرى، لذا في دقائق صمت قليلة تعرفي هل هذه الحالة التي تمرين بها نتيجة أن الأطفال يلعبون في حالة من الفوضى أم لأنك تعرضت لضغط في العمل، أو لأن علاقتك مع الشريك ليست على ما يرام، إن تحديد سبب الغضب الداخلي هو أفضل شيء يساعدك على التحكم فيه.

هذه خطوات أولية تساعدك على التعامل مع الغضب بشكل إيجابي، لكن هل سوف تتمكن هذه الخطوات من تربية الأطفال بشكل سليم؟ هل سوف تمنع الكثير من الأمور التي يسببونها، هل سوف يسمعون الكلام و يطيعوه بعد ذلك؟ هذه الأسئلة هي الدائرة في رأسك حالياً، والإجابة هي لا..هذه الخطوات لن تحقق كل ما ذكرتيه لكنها سوف تساعدك أنت على التحكم في عصبيتك وبعدها سوف تقومين بإجراءات حازمة وصارمة وذكية تجاه الأطفال، ما هي هذه الإجراءات؟ هذا ما سوف نتعرف عليه في مقال آخر.

أقرئي أيضاً: إرشادات مهمة تساعدك على التخلص من الأرق

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button