في عالم مثل عالمنا فإن كلمة مثل تنمية ذكاء الأطفال تبدو وكأنها هدف كل أب وأم. ربما يعتقد البعض أن الفكرة تبدأ عندما يكون الأطفال في مرحلة عمرية تسمح لهم بالتعلم. لكن يبدو أن تنمية الذكاء تبدأ مبكراً جداً، لكن مهلاً ربما في هذا الوقت المبكر لا يكون الأمر متعلقاً بتعلم التكنولوجيا أو الحساب، إنه رهين بأمور أبسط وأسهل للغاية سوف نتعرف عليها.
ما هي المرحلة العمرية التي يبدأ فيها عقل الطفل بالتطور؟
من الممكن أن نقول أن تطور العقل يبدأ حتى قبل الولادة، وتستمر هذه العملية حتى أربع سنوات. حيث أن نسبة 90% من مخ الطفل تكون قد نمت وهو في سن الروضة. لكن هل يعني ذلك أن ذكاء الطفل سوف يتوقف عند هذا الحد؟ بالتأكيد لا. لكن يأخذ التطور منحنى آخر حيث يكون المخ أكثر تعقيداً.
قد يعتقد البعض طبقاً لهذه المعلومات أن الفرصة الوحيدة لتنمية ذكاء الأطفال تكون في السنوات الأربع الأولى ومن ثم ينتهي كل شيء. لكن الأمر ليس كذلك، لكن من الممكن أن القول أن وضع أساس جيد في هذه الفترة لتنمية عقل الطفل يساعد بعد ذلك على تطوره بمعدل طبيعي ووتيرة جيدة.
تنمية ذكاء الأطفال في السنوات الأولى
سوف يتسائل البعض حول إمكانية العمل على تطوير عقل الأطفال في السنوات الأربع الأولى. هذا السن يكون الطفل فيه ما زال صغيراً، إذاً كيف سنمنح له المعلومات؟ كيف نجعله يتعامل مع التفكير والأرقام والتكنولوجيا؟ لكن قبل أن تزيد الأسئلة دعونا نقول أن ذكاء الأطفال في وقت مبكر لا يعتمد على الأنشطة العقلية بقدر ما يعتمد على الأنشطة العاطفية.
التطور العاطفي يقوي التطور العقلي
ما يحتاجه الأطفال منا في البداية هو إحاطتهم بسياج من الأمان العقلي، وهذا السياج يعتمد في البداية على الحماية العاطفية. ويعني هذا أن الطفل في المراحل الأولى من حياته يحتاج إلى تقوية الرابطة العاطفية بين وبين والديه، هذه الرابطة تساعدهم على التواصل مع عقله بشكل أفضل. والأطفال الذين يتعرضون للمزيد من العاطفة والتفاهم في السنوات الأولى يكون لديهم قدرة عقلية وذكاء أعلى في المراحل التالية. والعكس تماماً يحدث إذا فقد الطفل العاطفة والتواصل مع الوالدين، في هذه الحالة يصعب عليه التعلم في المراحل المقبلة. هنا ما الذي يجب علينا فعله؟ هذا ما سوف نعرفه في النقاط التالية
خطوات تساعد على تنمية ذكاء الأطفال قبل سن الروضة
الأمر ليس صعباً ولا معقداً لكنه ضروري لبناء قاعدة أساسية لتنمية القدرات العقلية في هذا العمر الصغير. وهذه هي أهم الخطوات والطرق التي تساعدنا على تنمية القدرات العقلية والعاطفية للأطفال في مرحلة الرضاعة وحتى قبل سن الروضة.
الرضاعة الطبيعية
نعم هناك الكثير من الأبحاث التي ربطت بين قدرة الأطفال على تطوير القدرات المعرفية لديهم وبين حصولهم على لبن الأم. ابذلي كل مجهود لكي يحصل الطفل على رضاعة طبيعية سليمة على الأقل في الستة أشهر الأولى.
المزيد من الحنان والعناق
كما قلنا من قبل فإن سياج الأمان الذي يحتاجه العقل لكي ينمو هو من أهم العوامل المؤثرة في تطوره. شعور الطفل بأنه آمن يحفز العقل على التعلم والمعرفة على عكس افتقاد الشعور بالأمان. لذلك قبل المسارعة إلى شراء ألعاب الذكاء وتوريط الطفل في العديد من الكورسات المتعلقة بتطوير المهارات لابد من التأكد أنه حصل على كفايته من الحنان العناق والحب.
الحديث مع الطفل مبكراً
هناك ارتباط وثيق بين معدل الكلمات التي يسمعها الطفل وبين تطويره لمعرفته اللفظية والمعرفية. إذاً متى نتحدث مع الطفل؟ نفعل ذلك منذ اللحظة الأولى للولادة. إبني حديث متواصل بينك وبينه في كل لحظة، لا تقومي بمهمتك في صمت. ساعدي الطفل على الارتباط بصوتك وكلماتك، هذا له أكبر الأثر في المراحل المقبلة.
القراءة معاً
لا يكفي أن تقرأي لطفلك قصة بصوتك، الأفضل من ذلك أن تقرأوا سوياً. ضمي إليك طفلك واجعلي الكتاب مواجهاً لكم. إن تفاعل الطفل مع الصور في هذه الفترة له دور كبير في تنمية قدراته في المراحل المتقدمة من عمره.
التواصل بلغة العيون
من أول أسبوع تأكدي أنك تنظرين في عين طفلك في كل نشاط تقومي به معه. أثناء الرضاعة أو تغيير الحفاضة أو الاستحمام والنوم. التواصل البصري بين الأم والطفل يساعد في بناء ذاكرة قوية.
اغلقي الشاشات
على حسب توصيات المنظمة الأمريكية لطب الأطفال فإنه من الخطر أن نعرض الأطفال أقل من 18 شهر إلى شاشات التلفزيون أو الهاتف. هي تعرضهم لمواقف تفاعلية هم على غير استعداد لها وهذا يؤثر في تنمية ذكائهم على المدى البعيد.
تنمية ذكاء الأطفال بعد سن الروضة
بعد وضع الأساس الجيد في السنوات الأربع الأولى حان وقت التطوير. هيا بنا نتعرف على أهم الخطوات التي تساعد على تطوير وتنمية ذكاء الأطفال في المراحل العمرية المتقدمة.
المشاركة في التجارب المختلفة
وجدت مجموعة من الدراسات أن الأطفال الذين يتشاركون مع والديهم في التجارب المختلفة يكون لديهم شعور عالي بالأمان والثقة بالنفس مما يؤثر بشكل إيجابي على عملية التطور والتعلم. لذلك لابد من وجود الكثير من الأمور التي يتم القيام بها مع الأطفال. أنشطة مثل الرسم والتلوين أو مشاهدة أفلام الكرتون والهوايات من شأنها تعميق هذا التواصل المهم.
مدح المحاولات
نظن أحياناً أن نقد الأطفال بشكل دائم هو وسيلة فعالة لتطوير قدراتهم، لكن العكس هو ما يحدث، حيث أن عمليات النقد المستمر تفقد الطفل ثقته بكل خطوة يقوم بها وعلى هذا الأساس تقل قدرته على التعلم ويقل معدل الذكاء الخاص به. الطفل يحتاج دائماً إلى مشاعر الثقة التي تبدأ من خلال تقدير كل مجهود يقوم بعمله حتى لو يكن له نتائج عالية. من المهم أن نمدح محاولات أبنائنا ونشجعهم على المزيد.
وهنا من المهم أن يكون المدح واضحاً وليس عاماً، فإذا قام الطفل بعمل ما لا يجب أن نقول أن طفل جيد أو ممتاز، هذا الأمر يساعد على الارتباك، لكن الأفضل “نحن نحب الطريقة التي قمت بها لتنظيف غرفتك”. “إن الأسلوب الذي قمت به من أجل حل المسألة رائع”. هذه هي الكلمات التي تصل ويكون لها مدلول عند الطفل.
الغذاء الدهني
الدهون الصحية من العناصر الغذائية المهمة لتنمية ذكاء الأطفال. لذلك من المهم أن يحصل الأطفال على أغذية مثل الأفوكادو والأسماك الدهنية وزيت جوز الهند والزبدة.
التوقف عن عمليات الإنقاذ السريع
عندما يقع الأطفال في الكثير من المشاكل فإن أكبر الأخطاء التي نرتكبها هي الإسراع في حلها لهم، لكن هذا ليس أفضل شيء يمكن فعله. إن إمكانية حل المشاكل لابد جزء من تنمية المهارات المتعلقة بالذكاء. لابد أن ندعهم يواجهون الأمر بأنفسهم ويبحثون عن الحل المناسب. بالطبع المراقبة هي مسؤوليتنا الكبرى، لكن التدخل السريع ليس في صالحهم أبداً.
اقرأي أيضا: طرق تنمية مهارات الطفل حتى يصبح “حلال المشاكل”
الحركة
قديماً قال أجدادنا في الأمثال أن الحركة بركة، عليك إذاً تفعيل هذه الجملة مع الأطفال، إن الأنشطة الحركية جزء مهم من عملية تطوير القدرات الذهنية. الأمر لا يعتمد فقط على ممارسة لعبة رياضية، بل على نشاط يومي يعتمد على الحركة مثل تنظيف المنزل أو شراء الاحتياجات أو القيام بأي مجهود بعد فترات طويلة من المذاكرة.
للمزيد: تنمية مهارات المذاكرة والتركيز والنشاط..نعملها ازاي؟