أنا ماما

خلي بالك من زيزي أو “خلي بالك من أولادك”

مسلسل خلي بالك من زيزي واحد من المسلسلات التي تعلق بها الكثير من الجماهير في شهر رمضان الحالي. والجميل أن يوجد في الدراما الحالية عمل يخصص لتسليط الضوء على مشاكل نفسية لا يدركها مجتمعنا بشكل كبير ويتعامل معها بطريقة خاطئة. كل شخصية من الشخصيات مرت بمجموعة من التجارب في التربية أنتجت أفراد إما غير مدركين لمرضهم أو الاختلاف الذي لديهم وبالتالي يواجهون صعوبة في التعامل مع الواقع. أو شخصيات لم تعطهم تجاربهم أو تربيتهم آليات فهم الحياة والتعامل معها بقوة. لذا من الممكن أن نقول أن المسلسل يقول “خلي بالك من أولادك” أكثر من خلي بالك من زيزي.

شخصيات خلي بالك من زيزي

يسلط البعض الضوء على كل من شخصية زيزي وشخصية الطفلة تيتو. وكأن تيتو هي مرآة زيزي لكن في الطفولة. لكن هذا لا يمنع أننا أمام شخصيات آخرى تم ممارسة ضغوط مختلفة عليهم فإذا بهم غير قادرين على التفاهم مع الحياة بشكل منطقي. دعونا في البداية نتعرف إلى زيزي وتيتو

شخصية زيزي

مقالات ذات صلة

زيزي هي الشخصية الاندفاعية العصبية المندفعة التي يخاف الجميع الوقوف في وجهها. إن الوقوف في وجهها شيء لا يمكن أن تحمد عواقبه. تتأرجح بعض الآراء ما بين أنها تعاني من اضطراب الشخصية الحدية، أو أنها تعاني من اضطراب فرط الحركة.. لكن تشخيص مرض زيزي لم يكن هنا المشكلة. المشكلة كانت في التعامل معها.

زيزي لم تلفت انتباه الأم أو الأب أن لديهم طفلة مختلفة ولا تستطيع التحكم في أعصابها. هي متهورة ومندفعة وتتعامل مع أي حالة من الإحباط بالعنف. لكن ماذا فعلت الأم؟ ماذا فعل الأب؟ الحقيقة وعلى حسب سياق المسلسل أنهم كانوا سبباً رئيسياً في تفاقم الحالية. كل دورهم كان إنزال سيل من الاتهامات والنقد لها دون فهم. كل ما تحاوله الأم هي إثبات أن ابنتها على خطأ طوال الوقت. وكل ما يقوم به الأب هو محاولة توضيح أنه لا يفعل شيء غير تحمل أخطائها. 

الأصعب هو محاولة الأم الدائمة في توضيح أنها ترفع يد الدعم بكل الأشكال عن ابنتها. تحاول أن تقول أنا لن أتحمل المسؤولية المادية أو المعنوية عن أخطائك. إذا نحن أمام طفلة مختلفة لديها اضطرابات لم تحصل على التربية الصحيحة. ولا الحب ولا الدعم. فكان من المنطقي أن يكون لدينا زيزي.

خلي بالك من أولادك

هنا نتساءل كم زيزي لدينا في كل منزل. وزيزي هنا نقصد بها كم طفل أو طفلة. كيف ترون أبنائكم عندما يتعاملون باندفاع وعصبية؟ ماذا تفعلون حينما يعجزون عن مقاومة الغضب؟ كيف نوجههم إلى مواجهة إحباطهم بشكل عقلاني. لذا فلا يمكن إهمال سلوكيات الأطفال الخاطئة الزائدة على الحد وتعليق مسؤوليتها أن الطفل عصبي أو مندفع ونترك الأمر. إذا كان السلوك الاندفاعي أو العنيف متكرر وبلا أسباب مقنعة جداً فإننا بحاجة إلى استشارة متخصص لمعرفة ما الذي يحدث لأبنائنا.

خلي بالك من تيتو

شخصية تيتو هي شخصية هامة جداً في مسلسل خلي بالك من زيزي. إنها المشكلة منذ بدايتها. لدينا طفلة لديها مقدار كبير من الذكاء لكن لا يظهر هذا في التحصيل الدراسي. وبالرغم أن تيتو لا يبدو عليها أي من أعراض المشكلات النفسية إلا أنها تعاني من مشكلة “اضطراب فرط الحركة والتشتت”. هذا الأمر لا علاقة له بالذكاء لكن الطفل يكون غير قادر على التركيز أو تنفيذ سلسلة متتابعة من الطلبات أو تتبع معلومات متتالية. الجميل في الأمر أن اكتشافه مبكراً سوف يساعد الطفلة كثيراً. لكن أفضل شيء هو التركيز على أن تيتو ليست مريضة بقدر ما هي مختلفة. وهنا نشعر وكأن الرسالة التي يود القائمين على العمل توصيلها لها هي إنهاء الصورة النمطية التي نريد لأبنائنا أن يكونوا عليها. تيتو تفقد بعض المهارات والقدرات لكن لديها مهارات أخرى من الممكن استغلالها وتوجيهها. وفي النهاية لا منقذ إلا المزيد من الحب والتفهم. وهنا نسأل أيضاً ترى كم تيتو تمر علينا يومياً ولا نجد سوى توجيه كلمات مثل “أنت شقية..غير مسؤولة..مش بتاعة مذاكرة..فاشلة إلخ إلخ”.

شخصية هشام

هل هشام يعاني من مشكلات نفسية؟ في الحقيقة لا يوجد شخص في الحياة لا يعاني من مشكلة نفسية. لكننا هنا لسنا بصدد إلقاء الضوء على مشكلة نفسية بقدر ما نريد إلقاء الضوء على شخصية هشام. تلك الشخصية التي يتم توجيهها من قبل الآخرين. الأخ هو المسيطر باسم الحب، وهو الذي يوجه الأحداث ويتحمل المسؤولية المادية لأخيه الذي يعمل استاذاً في كلية الهندسة. هشام يتم توجيهه من زميلته في الجامعة لعلاقة هو غير مستعد له. وأثناء علاقته بزوجته زيزي كان مستسلماً تماماً لاندفاعها دون محاولة توقيفه. 

على النقيض نجد شخصية تلميذه الذي يعتمد على نفسه مادياً وهو مازال في مرحلة الدراسة. هذا التلميذ هو صدمة هشام التي أوضحت له أنه عليه تحمل مسؤولية قراراته كاملة وأن يواجه كل شخص.

هشام يجعلنا نتساءل خلال رحلة تربية أبنائنا “هل نقوم بمحو شخصيتهم أم أننا نساعدهم؟”.. هذا السؤال لابد من الإجابة عليه جيداً لأن الفرق بين الحالتين خيط رفيع للغاية.

 

إذاً مع خلي بالك من زيزي عشنا حلقات جيدة للغاية على المستوى الفني. لكن الأهم هو أن نحاول أن نعيد النظر في رحلتنا مع أبنائنا. علينا أن نعرف هل تمر مشاكلهم بصورة طبيعية أم أن هناك شيء يواجهونه بمفردهم لا يوجد تسمية واضحة لدينا عنه؟ هل نقدم لهم الدعم الكافي والحب غير المشروط؟ أسئلة كثيرة تستدعي منا البحث عن إجابات دقيقة إذا أردنا أن “نخلي بالنا من ولادنا”..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

17 − ستة =

زر الذهاب إلى الأعلى